فصل: كِتَابُ التَّدْبِيرِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِهَا مَا نَصُّهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَدَبَّرْت نِصْفَك صَحِيحٌ وَلَا يَسْرِي وَدَبَّرْت يَدَك هَلْ هُوَ لَغْوٌ أَمْ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ وَجْهَانِ. اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِهِ: كَنَظِيرِهِ فِي الْقَذْفِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. اهـ.
وَأَقُولُ: قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَاعِدَةِ أَنَّ مَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ صَحَّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ تَرْجِيحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ كَمَا سَيَأْتِي فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ قَوْلُهُ: فِي شَرْحِهِ عَقِبَ فَهَلْ هُوَ لَغْوٌ يَعْنِي لَيْسَ بِصَرِيحٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي مُجَرَّدِ الصَّرَاحَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ: التَّدْبِيرِ.
(قَوْلُهُ فَأَثَّرَ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالْبَعْضِ إلَخْ) يُتَأَمَّلْ مَعَ مَا رَجَّحَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ فِيمَا إذَا أَضَافَهُ لِجُزْءٍ أَنَّ عِتْقَ الْجَمِيعِ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ سم.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: لِأَجْلِ كَوْنِ الْعِتْقِ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ: إنْ مِتُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَإِنْ نَجَّزَ تَدْبِيرَهُ أَيْ الْيَدَ مَثَلًا فَهَلْ يَلْغُو، أَوْ يَكُونُ تَدْبِيرًا لِكُلِّهِ وَجْهَانِ كَنَظِيرِهِ فِي الْقَذْفِ، وَإِنْ عَلَّقَهُ كَإِذَا مِتُّ فَيَدُك حُرٌّ صَحَّ فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ كُلُّهُ انْتَهَتْ وَكَانَ وَجْهُ عِتْقِ الْكُلِّ أَنَّ هَذَا الْعِتْقَ لَيْسَ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْمُعَيَّنَ كَالْيَدِ لَا يُتَصَوَّرُ اتِّصَافُهُ وَحْدَهُ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْعِتْقُ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ لَمْ يَعْتِقْ كُلُّهُ إذْ لَا سِرَايَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ. اهـ. سم بِحَذْفٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ لُزُومِهِ بِالْمَوْتِ) هَلْ الْمُرَادُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا هُوَ حُكْمُ التَّدْبِيرِ؟ سم وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَبَّرْتهَا) يُتَأَمَّلْ سم وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ هَذَا لَوْ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْعِتْقَ الْمُنَجَّزَ إلَخْ فَظَاهِرُ الْمَنْعِ أَوْ إلَى مَا قَبْلَهُ فَفِيهِ مُصَادَرَةٌ.
(وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ التَّدْبِيرَ وَغَيْرَهُ (مَعَ نِيَّةٍ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حَرَامٌ، أَوْ مُسَيَّبٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ فَدَخَلَتْهُ كِنَايَتُهُ، وَمِنْ الْكِنَايَةِ هُنَا صَرِيحُ الْوَقْفِ كَحَبَسْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي، فَإِنْ قُلْت: هَذَا صَرِيحٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَقْفِ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ وَمَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ قُلْت: الْوَصِيَّةُ، وَالتَّدْبِيرُ مُتَّحِدَانِ، أَوْ قَرِيبَانِ مِنْ الِاتِّحَادِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَصَحَّتْ نِيَّةُ التَّدْبِيرِ بِصَرِيحِ الْوَصِيَّةِ الْقَرِيبَةِ لِذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ: مَعَ نِيَّةٍ) أَيْ مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ نِهَايَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِمُقَارَنَتِهَا بِجُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ إذَا مِتُّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ عَلَى التَّرَاخِي فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: فَإِنْ قُلْت إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) وَقَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ لَسْت بِحُرٍّ لَا يَصِحُّ كَمِثْلِهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَيْ فِي قَوْلِهِ: أَنْتَ طَالِقٌ، أَوْ لَسْت بِطَالِقٍ وَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ لَسْت بِحُرٍّ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيمَا إذَا أَطْلَقَ، أَوْ جُهِلَتْ إرَادَتُهُ فَإِنْ قَالَهُ فِي مَعْرِضِ الْإِنْشَاءِ عَتَقَ، أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ فَلَا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْإِقْرَارِ مُغْنِي وَأَسْنَى.
(قَوْلُهُ: صَرِيحُ الْوَقْفِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كِنَايَتَهُ لَيْسَتْ كِنَايَةً فِي الْعِتْقِ وَقِيَاسُ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ أَنَّهَا كِنَايَةٌ هُنَا ع ش.
(قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: فِي آخِرِ الْفَصْلِ.
(قَوْلُهُ الْقَرِيبَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ.
(وَيَجُوزُ) التَّدْبِيرُ (مُقَيَّدًا) بِصِفَةٍ (كَإِنْ مِتّ فِي هَذَا الشَّهْرِ، أَوْ) هَذَا (الْمَرَضِ فَأَنْتَ حُرٌّ) فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا.
وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: فِي هَذَا الشَّهْرِ عَلَى أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ إمْكَانِ حَيَاتِهِ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ عَادَةً فَنَحْوُ إنْ مِتُّ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ بَاطِلٌ (وَمُعَلَّقًا) عَلَى شَرْطٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَوْتِ (كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي)؛ لِأَنَّهُ إمَّا وَصِيَّةٌ، أَوْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا) تُوجَدْ (فَلَا) يَعْتِقُ.
(وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) كَمَا هُوَ صَرِيحُ لَفْظِهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَ التَّعْلِيقُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ (فَإِنْ قَالَ: إنْ)، أَوْ إذَا (مِتُّ ثُمَّ دَخَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ) كَانَ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ و(اُشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ الْمَوْتِ) عَمَلًا بِقَضِيَّةِ ثُمَّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتَى بِالْوَاوِ وَأَطْلَقَ أَجْزَأَ الدُّخُولُ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَمَنْ جَعَلَهَا كَثُمَّ جَرَى عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُمَا فِي الطَّلَاقِ (وَهُوَ) أَيْ: الدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ (عَلَى التَّرَاخِي) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرُ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّرَاخِي، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةَ ثُمَّ.
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ خُصُوصَ التَّرَاخِي لَا غَرَضَ فِيهِ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأَلْغَوْا النَّظَرَ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْفَوْرِ فِي الْفَاءِ؛ إذْ لَوْ عَبَّرَ بِهَا اُشْتُرِطَ اتِّصَالُ الدُّخُولِ بِالْمَوْتِ، وَمِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ لَا الْمُعَلَّقِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَقُولَ: إذَا مِتُّ، أَوْ مَتَى، أَوْ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ، أَوْ إذَا، أَوْ مَتَى دَخَلْت، أَوْ شِئْت مَثَلًا فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الدُّخُولِ، أَوْ الْمَشِيئَةِ عَقِبَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ هُنَا مِنْ تَأْخِيرِ الْمَشِيئَةِ عَنْ ذِكْرِهِ وَهُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْكَبِيرِ مَا يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ.
وَأَخَذْت مِنْ اعْتِبَارِهِمْ السَّابِقِ إلَى الْفَهْمِ هُنَا مَا أَفْتَيْت بِهِ فِيمَنْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: عَبْدِي مُدَبَّرٌ عَلَى، وَالِدَتِي فَإِنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى خِدْمَتِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى أَنْ تَمُوتَ فَيَعْتِقَ حِينَئِذٍ.
(وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ) وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَعَرْضِهِ عَلَيْهِ؛ إذْ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُبْطِلَهُ، نَعَمْ لَهُ تَنْجِيزُ عِتْقِهِ كَمَا صَوَّبَهُ شَارِحٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ عِتْقُهُ كَيْفَ كَانَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إبْطَالِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَهَذَا مَقْصُودٌ أَيُّ مَقْصُودٍ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ، فَإِنْ قُلْت: لَوْ اسْتَغْرَقَ وَنَوَى بِالْعِتْقِ تَنْفِيذَ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فَلِمَ لَمْ يَنْفُذْ لِبَقَاءِ الْوَلَاءِ عَلَى حَالِهِ لِلْمَيِّتِ حِينَئِذٍ؟ قُلْت: لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الْعِتْقِ لِلْمَيِّتِ إلَّا إنْ عَتَقَ بِمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ وَعَتَقَ الْوَارِثُ وَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ عَمَّا عَلَّقَ عَلَيْهِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَغَا ثُمَّ رَأَيْت الْبَغَوِيّ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إعْتَاقُهُ ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَعْتِقُ عَنْ الْمَيِّتِ وَيُمْكِنُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ إجَارَةَ الْوَارِثِ تَنْفِيذٌ فَيَجُوزُ وَيَكُونُ عِتْقُهُ عَنْ الْمَيِّتِ أَوْ تَمْلِيكٌ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. اهـ.
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى مَنْعِ إعْتَاقِ الْوَارِثِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَقِبَهُ بَحْثٌ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْته؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ فَلَيْسَ هُنَا إجَازَةٌ حَتَّى يُقَالَ بِبِنَائِهِ عَلَى أَنَّهَا تَنْفِيذٌ، أَوْ تَمْلِيكٌ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ عَلَى مَا قَالَهُ أَيْضًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ إنْ عَتَقَ بِالصِّفَةِ الَّتِي عُلِّقَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَنَجَّزَهُ الْوَارِثُ فَهَذَا عِتْقٌ مُبْتَدَأٌ فَلَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ التَّنْفِيذِ، وَالتَّمْلِيكِ بَلْ يَكُونُ لَغْوًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمْ يُمْكِنْ وُقُوعُهُ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إبْطَالُ حَقِّهِ مِنْ الْوَلَاءِ الَّذِي قَصَدَهُ.
فَإِنْ قُلْت: سَلَّمْنَا ضَعْفَ كَلَامِ الْبَغَوِيّ بَلْ وَأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ، لَكِنْ مَا الْمَانِعُ أَنَّ تَنْجِيزَ الْوَارِثِ هُنَا كَتَنْجِيزِهِ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْعِتْقَ عَنْ الْكِتَابَةِ بَلْ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْكِتَابَةِ فِيمَا لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَعَبْدٍ؟ قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِصِفَةٍ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِي رَقَبَةِ الْقِنِّ لِجَوَازِ رَفْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ بِنَحْوِ الْبَيْعِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَازِمَةٌ فِيهِ كَالِاسْتِيلَادِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ فِيهَا مُوَافِقًا لِلُزُومِهَا فَوَقَعَ تَنْجِيزُ الْوَارِثِ مُؤَكِّدًا لَهَا لَا رَافِعًا كَتَنْجِيزِ الْمُورَثِ، بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ فَإِنَّ سَبَبَ عِتْقِهِ ضَعِيفٌ لِجَوَازِ رَفْعِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَمْ يَقَعْ تَنْجِيزُ الْوَارِثِ مُؤَكِّدًا بَلْ رَافِعًا وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ رَافِعًا كَوْنُهُ إنْشَاءً مُبْتَدَأً، وَقَدْ تَقَرَّرَ امْتِنَاعُ رَفْعِهِ لِاسْتِلْزَامِهِ رَفْعَ وَلَاءِ الْمَيِّتِ الَّذِي قَصَدَهُ بِتَعْلِيقِهِ لِعِتْقِهِ.
وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَقَطْ مِنْ الثُّلُثِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّنْجِيزُ مِنْهُ فِيمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ فِي الْبَعْضِ، أَمَّا مَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَإِيجَارٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ الدُّخُولَ فَامْتَنَعَ فَلَهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ بَيْعُهُ لَاسِيَّمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَيَصِيرُ كَلًّا عَلَيْهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَنَحْوُ إنْ مِتُّ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ بَاطِلٌ) فِي التَّجْرِيدِ وَجْهَانِ عَنْ الرُّويَانِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَتَى بِالْوَاوِ إلَخْ) لَوْ أَتَى بِالْوَاوِ كَإِنْ مِتُّ وَدَخَلْت اُشْتُرِطَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إنْ دَخَلْت وَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَتَأَخُّرِهِ أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا.
وَالصِّفَةُ الْأُولَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ وَذِكْرُ الَّتِي مِنْ فِعْلِهِ عَقِبَهَا يُشْعِرُ بِتَأْخِيرِهَا ش م ر.
(قَوْلُهُ: أَجْزَأَ الدُّخُولُ قَبْلَ الْمَوْتِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ اُشْتُرِطَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ قَبْلَهُ. اهـ.
وَكَذَا ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ لَا الْمُعَلَّقِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ؛ إذْ قَدْ عُلِّقَ عَلَى الدُّخُولِ، أَوْ الْمَشِيئَةِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ أَنَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ تَدْبِيرًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى الدُّخُولِ، أَوْ الْمَشِيئَةِ أَوْ الْمُقَيَّدَ بِذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْحُرِّيَّةُ حَتَّى يُنَافِيَ كَوْنَهُ تَدْبِيرًا بَلْ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ بِالْمَوْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ فَقَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَعْلِيقَ الْحُرِّيَّةِ بِالْمَوْتِ اُعْتُبِرَ وُجُودُهُ أَعْنِي ذَلِكَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ، أَوَّلًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ: الْجَوْجَرِيِّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى شَيْئًا) أَيْ: مِنْ كَوْنِ الدُّخُولِ، أَوْ الْمَشِيئَةِ فِي الْحَيَاةِ، أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الدُّخُولِ وَالْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَاعِدَةِ اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ اعْتِبَارُ الدُّخُولِ، أَوْ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ تَوَسُّطَ الْجَزَاءِ بَيْنَ شَرْطَيْنِ كَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْإِيلَاءِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ) يُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِصِفَةٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَعَ الْمَتْنِ وَيَجُوزُ التَّدْبِيرُ مُطْلَقًا كَمَا سَبَقَ وَمُقَيَّدًا بِشَرْطٍ فِي الْمَوْتِ بِمُدَّةٍ يُمْكِنُ بَقَاءُ السَّيِّدِ إلَيْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا الْمَرَضِ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ بِالْمَرَضِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فِيهِ كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ جِدَارٌ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَمَاتَ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ إذْ الصِّفَةُ هِيَ مَوْتُهُ فِي الشَّهْرِ أَوْ الْمَرَضِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ مَاتَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.